السبت، 6 سبتمبر 2008

لماذا التطرف

لا شك في أن نجاح وزارة الإعلام في ربط النشاط الثقافي بالسياحة والاقتصاد قد أربك الساحات الثقافية والاقتصادية والدينية بالمملكة؛ بما فتحه ذلك النجاح من آفاق على مختلف الفنون والأمم بعروض ترويجية رائعة قادت مختلف فئات المجتمع البحريني من المهتمين وغيرهم إلى الاستفادة من فعالياته.
لقد أنجب مبدعونا وغيرهم بفضل وزارة الإعلام ربيعا للثقافة فاح شذاه حضارة راقية في العالم كله.
ولا شك أيضا في أن ما حدث من تجاوزات في هذا الربيع لتعاليم الإسلام الذي لن نقبل بغيره مصدرا أساسا للتشريع تجب محاسبة المسؤولين عنها بما يضمن منع تكرارها مطلقا بأي شكل كان، دون الوقوف في وجه الربيع كله.
لقد تجاوز عرض الفرقة الراقصة لأخبار المجنون تعاليم الإسلام بعلم وزارة الإعلام، وذلك من خلال التدريبات التي سبقت عرض ذلك العمل الفني على الجمهور. وبالرغم من علم الوزارة بما يمكن أن تحدثه تلك التجاوزات من تطرف ديني وثقافي قد ينعكس سلبا على دعوات جلالة الملك لمختلف فئات المجتمع البحريني بالتقارب والتعاون ونبذ العنف والتعصب، بالرغم من علم الوزارة بمخالفة ذلك العرض لدستور المملكة ودين غالبية شعبها وتوجهات معظم نوابها، بالرغم من وقوفها ضد عروض مشابهة في فنادق المملكة (مع إقرارنا بهبوط المستوى الفني للعروض الممنوعة) إلا أنها لم تقف دون تقديم ذلك العرض!!
ولا يعني اعتبار رفضنا لتقديم هذا النوع من الإعمال الفنية انتقاصا من أصحاب تلك الأعمال أو تقليلا من قيمة تجاربهم الفنية أو دعوة لمقاطعتهم والتشهير بهم، بل يجب التحقيق فيما حدث ومحاسبة المسؤولين الحقيقيين الذين سمحوا بحدوثه، والاعتراف للمبدعين بمساهماتهم الإبداعية في الارتقاء بأوطانهم وتحريرها من الظلم والجهل والاستبداد، وعدم تحميلهم وحدهم المسؤولية عن أخطاء لم يقترفوها نتيجة سوء تقديرهم لنتائج عمل واحد فقط.
كما يجب على بعض رجال الدين الأجلاء الاعتراف بأخطائهم المتكررة في معالجة مثل تلك الأحداث، فالتشكيك في نوايا المبدعين ووصفهم بالسعي إلى تحويل المجتمع إلى حيوانات لا موجه لها سوى الغرائز والشهوات يعد مخالفة صريحة لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم". أما من اعتاد منهم على المبالغة في تضخيم الرفض الشعبي استنادا إلى مصادر تفتقر إلى الدقة والمصداقية فقد ردت عليه حشود الجماهير التي حضرت العرض حتى نهايته، مما أوقعه في حرج شديد كان بإمكانه تجنبه.
ومن جهة أخرى فقد قابل التطرف الديني تطرف ثقافي مؤسف، تجاهل كل ما تجاهلته وزارة الإعلام أملا في نصرة الثقافة التي اعتقدوا خطأا بأن الهجوم على معتقدات الشعب الذي بذلوا الكثير من أجل استمالته هو السبيل الوحيد لتوعية المجتمع وتثقيفه وارتقائه. فنتيجة لعجزهم عن تبرير تلك التجاوزات عقليا ودستوريا، لجؤوا إلى تهوين الأمور باعتبارها (عرضا قصيرا) لا يستدعي مناقشته في البرلمان مطلقا. فأية رسالة تقارب يريدون توجيهها إلى المجتمع؟
وهل وجود القضايا الكبيرة مبرر لإباحة القضايا (الصغيرة)؟
ومن الذي يملك مقياس القضايا في هذا البلد؟ ومن أين جاء به؟ ومن الذي صادق على اعتماده مقياسا محليا أصيلا شاملا لقضايانا؟
وهل ينبغي إسقاط كل مهرجان يهدف للارتقاء بنا لمجرد وجود خطأ في إحدى فعالياته يمكن تصحيحه؟
هل تعتقد تلك الأطراف المتحاربة أن استراتيجية خلق التقارب بين مختلف فئات المجتمع يجب أن تنطلق من تبرير أخطائها بأخطاء أكبر؟
وهل التشكيك في النوايا والتحقير وفرض الوصاية يمكنه أن يصنع جيلا مثقفا متعاونا صالحا؟
هل سألت تلك الأطراف أنفسها تلك الأسئلة قبل الشروع في تلك الحرب المبنية على ردود الإفعال الانفعالية؟

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

التطرف ، مقالة جميلة وهادفة ، والاجابة على الاسئلة هو لا ومستحيل ، هل تعرف اخي العزيز ان التطرف ليس له عنوان أقصد من كان يملك سمة التطرف قد يتطرف في الدين او في سلوكه او اي شيء والسبب هو ان التطرف هي مشكلة عقلية ويقولون ، مشكلة معرفية ، تعرف اخي العزيز الشوارع او الطرق تحتوي على خطان ذهاب وإياب واشبه المتطرف او عقل المتطرف بالطريق الذي فيه ذهاب فقط، تعرف مقولة الانسان عدو ما يجهل هو كذلك هو عدو مالا يفهم . عدو لأي فكرة تخالف رأيه . وليد البشير