الخميس، 4 سبتمبر 2008

من أجل أن نصبح على وطن

"منتصب القامة" يمشي عابرا الحدود على أنغام (نشيد الموتى)، ولا حدود لجمهوره.
رسول ينعش ذاكرتنا بإحياء ضمائرنا كلما نسينا معجزة الإحياء لعل "الذكرى تنفع المؤمنين".
ينثر مشاعرنا ربيعا يضمد جراح ذوي الشهداء، ويغري الأقصى بالصمود.
لا زلت أذكر سعادتي ب(عَلِّيها) التي عزفتها على البيانو في سينما الأندلس في الثانية عشر من عمري، بمصاحبة عود الصديق الأستاذ محمد حداد، مشاركة منا للشعب الفلسطيني في انتفاضته ضد الاحتلال.
ذكريات هيجت قلمي للكتابة بعد انقطاع طويل آثر مارسيل خليفة ألا يدوم.
في صوته دفء أنجبه الحنين إلى الوطن، ليشعل أجيالا أضناها النضال ولا خلاص لها سواه.
صوت يزرع الكرامة، يشحذ الهمم راصدا مترصدا في آن.
صوت يتقطع ألما، يتقاطع أملا، وهو القاطع من أجل البقاء.
تقصده الكلمة كلما ملت الاحتلال، وبها يقارع البنادق.
تجرد الموسيقى أسلحتها لنصرته، فإن تعب الجميع عانق عوده وقال...
بأنامله رتل ألحانا أخرجت أجيالا عن صمتها ولا تزال تنذر وتبشر بالمزيد.
ألحان تناغي الماضي، وتناغم الحاضر لتؤلف الآتي.
هو اللحن المدافع عن (هويتنا).
هو المغني لكي (نصبح على وطن) يحتضن المِلَل والنِحَل تحت جنح السلام.
بلقائه نكافئ أطفالنا ونهنئ أنفسنا بكونه منا. وفي استقباله برهان للعالم كله على (اعتراف) الحكومات العربية بحقوق الشعب الفلسطيني (وإيمانها) بقضيته، وأنها تقدم (الحرية) (والديمقراطية) لشعوبها على طبق من ذهب.
إنه مارسيل خليفة. الصوت الذي لا زال مسموحا بسماعه حتى هذه اللحظة بالرغم من طول مداه ودقة إصابته للهدف، وكأن أجهزة المراقبة عجزت عن كشفه.
لا زال حبه يتناسل في قلوبنا، والإيمان به يرتب أحلامنا، وعطاؤه يغرينا بالحضور ساعة حضوره.
إنه يغني فيصنع الجبال، لعل الجبال تعيد الوطن.