‏إظهار الرسائل ذات التسميات لقاءات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات لقاءات. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 11 يناير 2011

عندما تتحول الإعاقة إلى تميز

عازف.. شاعر.. مدرس.. مثقف.. خبير كمبيوتر
عندما تتحول الإعاقة..إلى تميز

أجرى الحوار: محمد الساعي

"علمتني الحياة.. أن التحدي الذي يواجه المعاق ليس ان يعي المجتمع أسلوب
التعامل معه، وإنما أن يعي هو كيف يتعامل مع المجتمع".
عبارة يستحق قائلها أن نتوقف طويلا عندها.. ونتأمل فيها.. ونسبر أغوارها،
فهي باختصار عصارة تجارب طويلة عاشها.. وعاناها.. وتجرع غصصها، ومازال يحياها.
ولد فاقدا نعمة البصر، فعاش منذ لحظاته الأولى في ظلام دامس، لم ير النور
أو ينعم بالضياء، عانى صراعا مريرا تلاطمت فيه الإرادة بالإحباط، اليأس
بالرجاء، الألم بالأمل، ورغم هذا وذاك شق طريقه بإصرار لم يخل في لحظات من
كبوات أو انهيار، لكنه سرعان ما يعيد النهوض ويواصل بعزيمة كبرى.نموذج النجاح
حسين الأمير.. ربما كان ضحية لزواج الأقرباء، عانى مع شقيقه ثم شقيقته ذات
المشكلة، ولكن كانت مشكلتهما أقل حدة، فهما يعانيان ضعفا شديدا بالبصر، لكن
صاحبنا يفتقده تماما.
لم تكن طفولته سعيدة كباقي الأطفال، بل تجرع الغصص والانعزال، إلا ان لحظة
واحدة قد تكون الفارق بين النجاح والفشل، وكانت هذه اللحظة هي بداية الطريق
للأمير، حوّل الظلام إلى نور خاص به، ودّع الإحباط والفشل واحتضن العزيمة
والأمل، تحمل وعورة الصعود وواصل خطواته.. ونهض من سقطاته، حتى بات اليوم
أستاذا في اللغة العربية، والحاسب الآلي، شاعرا، فنانا، كاتبا، مثقفا، زوجا
ناجحا، أبا لطفلين.
ربما كان طريق حياته إلياذة أو نموذجا يقف بكبرياء إلى جانب قصص النجاح،
قصص الإرادة والصبر، خاصة أنه عاش في أسرة صغيرة متواضعة الحال.
"أخبار الخليج" كانت لها وقفة مع الأستاذ حسين الأمير، المواطن البسيط،
الذي مازال يبحث وأقرانه عن حقوقهم في المجتمع، عن ابسط حقوقهم، ولا يدري
احد هل سيطول بحثهم وانتظارهم؟
طفولة.. بين الألم والأمل
كغيره من الأطفال، كان يحب المرح واللعب، ولكن.. ما يفتأ يكبح جماح هذا
الاندفاع الطفولي بسبب كلمات تنفجر في أذنه من هنا، وسهام من السخرية تنغرس
في قلبه من هناك، لم يكن الكثير من أقرانه آنذاك على وعي وخلق يجعلانهم
يتقبلونه، ما ان يندمج فيهم حتى يسمع من بعضهم كلمات تعصر قلبه، وتجاوز
الأمر ذلك إلى ان يحذفه البعض بالحصى، يلقبونه بالأعمى، بالمعاق، ينفرون
منه، فهل ترك ذلك أثره في نفسه؟
يطرق حسين الأمير برأسه كأنه يستعيد تلك الذكريات، قبل ان يردف قائلا: في
البداية كان ذلك مؤثرا جدا، فلم أكن حينها أتجاوز سن الرابعة، وعندها بدأت
اكتشف أنني اختلف عن الآخرين فعلا، لذلك مررت بفترة انعزال، ومع الأيام
بدأت أفكر بحل وطريقة أدافع بها عن نفسي وعن أخي الذي يعاني المشكلة ولكن
بشكل اقل وطأة، عندما كنا نشكو الأمر للأهل كانوا يقولون: لا تهتموا بهم،
العمى عمى القلب وليس البصر. ومع الأيام اقتنعت بأن أفضل جواب لهؤلاء
الساخرين هو السكوت، وشق الطريق بصمت. لذلك واصلت اللعب، بل كنت العب حتى
على "السيكل"، واصلت حياتي وأنا اعمل على تحويل الشعور السلبي إلى ايجابي،
وتدريجيا شعرت بأنني أذكى من الأطفال الآخرين، فلم أكن أتابع برامج الأطفال
أو العب لعبهم، لم أكن اقتنع عندما اشاهد الرسوم المتحركة ان أرنبا يمكنه
الكلام، ولم استسغ حتى أغاني الأطفال، في سن الثامنة مثلا كنت أميل إلى
قراءة كتب الكبار بطريقة "برايل"، مثل كتب نجيب محفوظ وطه حسين وتوفيق
الحكيم وغيرهم، ومنذ سن السابعة بدأت اعزف على "الأورج" كل ذلك أوجد عندي
نوعا من الثقة بالنفس، وكانت لغتي وقراءاتي ومفاهيمي عن الحياة مختلفة، ولم
أكن استطيع التعبير عن ذلك لكني اختزلتها في داخلي، وفي سن التاسعة بدأت
اكتب مذكراتي، كما بدأت المس امتلاكي بعض المواهب.
* ماذا عن الدراسة؟
** بدأت في سن السادسة بمعهد النور للخليج العربي آنذاك قبل ان يصبح المعهد
السعودي البحريني، وللأمانة كان المعهد مهيأ لنا تماما، ولم نواجه صعوبات
حقيقية، وكان المدرسون مهيئين للتعامل معنا، كما وفروا لنا سكنا داخليا،
لذلك كان المعهد والسكن هما المتنفس الوحيد لنا لأننا كلنا أكفّاء ونفهم
بعضنا ونعرف كيف ندرس ونلعب ونتفاهم، ولكن بعد ثلاث سنوات طلبنا ان نذهب
إلى البيت يوميا بدل يوم في الأسبوع. وبقيت الصعوبات تنحصر على النطاق
الأوسع، وهو المجتمع الذي لم نكن نشعر بقبول منه لنا. وكانت المشكلة الأخرى
هي محل الإقامة، فقد اضطررت وعائلتي إلى تغيير السكن عدة مرات من البلاد
إلى جدحفص إلى مدينة عيسى ثم مدينة حمد فعالي ثم مدينة حمد، وذلك لعدم
امتلاكنا سكنا خاصا.
ويواصل الأمير حكايته: المرحلة الثانوية كانت نقلة نوعية وتجربة جديدة
بالنسبة لي، تجربة صعبة، حيث انتقلت من المعهد إلى مدرسة مدينة عيسى
الثانوية، وأول مرة وجدت نفسي في مدرسة عامرة بالطلاب غير الكفيفين، وكنت
الوحيد الذي أعاني المشكلة، لذلك شعرت في البداية بغربة حقيقية خاصة وأنني
استخدم دفاتر خاصة وكتبا خاصة وآلة حاسبة من نوع آخر وآلة كاتبة، ووضعي
مختلف تماما عن غيري، لكن تدريجيا لمست بعض التعاون من زملائي في الصف،
وبنفس الوقت كنت أواجه بعض السخرية من بعض الطلاب عندما أتجول في ساحة
المدرسة، لكن ما كان يهوّن علي ان هؤلاء كانوا غير مقبولين حتى من باقي طلاب
المدرسة بسبب سلوكاتهم. وهناك تكونت لي صداقات استمر بعضها حتى الآن.
ولكن.. لا أنكر أن الضغط النفسي والإحباط بدآ يتضاعفان داخلي، ورافق ذلك
مشاكل أسرية صعبة، لذلك ما ان أكملت الأول الثانوي حتى قررت ترك الدراسة
والبحث عن عمل، إلا ان صغر سني وظروفي حالا دون ذلك رغم ان وزارة العمل
منحتني وأنا في سن 15 بطاقة عمل، ورب ضارة نافعة كما يقال، وهنا كان أخي قد
عزم على الدراسة في معهد المكفوفين بالسعودية، واقترحت أسرتي ان التحق معه،
وفعلا انتقلنا إلى السعودية، وبعد فصل دراسي واحد تم دمجنا في مدرسة عامة،
وكنت الناطق الرسمي للطلاب، وبعد ثلاث سنوات لا أنكر أنها كانت صعبة علي
رجعت إلى البحرين وحصلت من وزير التربية على بعثة للغة العربية في جامعة
البحرين.
رحلة الجامعة.. واستمرار المعاناة
* بالتأكيد كانت الجامعة تجربة جديدة لك، هل كانت أفضل من التجارب السابقة؟
** في الجامعة كان الوضع مختلفا تماما، وربما كان أكثر صعوبة من الثانوية،
فلم تكن الأمور مهيأة لوضعي أبدا، لا كتب، ولا أجهزة، شعرت حينها كأنهم
يقولون لي: لا نريدك في الجامعة، وكانت المشاكل من نوع آخر، فبعد المحاضرة
اطلب إلى هذا وذاك ان يقودني إلى القاعة الفلانية، وكانت الغالبية
يتعاونون، وعندما التحق أخي بالجامعة خفت المشكلة لأنه ليس كفيفا تماما،
وكان يساعدني على التنقل، ولكن بقيت المشاكل الأخرى من دون حل، فكثير من
الدكاترة لم يكونوا يقبلون ان أسجل محاضراتهم كي أعيد كتابتها بطريقة
برايل، وكنت ابحث عن بعض الطلاب المميزين لأستعير منهم المذكرات، وهذه بحد
ذاتها كانت مشكلة، فعندما يوافق الطالب على إعارتي كان يجب ان ابحث عمن
يسجلها لي بصوته أو يقرؤها علي كي اكتبها.
وبنفس الوقت لم يكن جميع الطلاب يتعاونون معي، فالبعض يتهرب سواء من
إعارتنا أو قراءتها لنا، حتى إعادة كتابتها كان يتطلب وقتا طويلا، أما
الامتحانات فكانت مشكلة حقيقية، حيث كان يجب علي ان أبحث عن شخص متفرغ لا
يعمل ولا يدرس أو يكون في إجازة كي يحضر معي الامتحان ويقرأ الأسئلة ويكتب
إجابتي بخطه، والمشكلة ان الكثير من الأساتذة كان يرفض ذلك بحجة انه لا
يوجد ضمان ألا يقوم هذا الشخص بتغشيشي، لذلك كانوا يطلبون إلى بعض
السكرتيرات في الجامعة ان يقمن بهذا الدور، وهذا بحد ذاته كان مبعثا
للإحباط والضغط النفسي لان بعضهن كن يتأففن ويقلن لي صراحة ان هذا ليس
عملهن، ولكن كان بعضهن يقمن بدورهن بضمير وتعاون. وعموما صبرت وصابرت، وفي
نفس الوقت كنت أشارك في الأنشطة الجامعية مثل نادي الموسيقى وأنشطة الشعر
والندوات وورش العمل، ونتيجة لذلك بدأت إدارة الجامعة وأول مرة تنتبه إلى
ان هناك معاقين قادرين على العطاء ولا يحتاجون إلا إلى الدعم، لذلك
استدعونا أنا وأخي وسألونا عن احتياجاتنا ووفروا لنا غرفة للقراءة ومختبرا
للكمبيوتر خاصا بالكفيفين، حتى في الامتحانات وفروا لنا متطوعين لمساعدتنا،
ولكن للأسف كان ذلك في الفصل الأخير من الدراسة بالنسبة لي، لذلك لم استفد
من اغلب تلك الخدمات، إلا انني كنت اشعر بالراحة لأنني استطعت ان احدث نوعا
من التغيير في الجامعة في التعامل مع المعاقين. لكني بنفس الوقت كنت استاء
من بعض الكفيفين الذين يستغلون وضعهم ويرجون الأساتذة في رفع درجاتهم أو
مراعاتهم، وهذا ما كان يجعل بعض الأساتذة يرفض ان يلتحق بمجموعته كفيف،
وكانت فلسفتي ان ابحث عن البديل دائما ولا استغل إعاقتي، لذلك لم أجادل
يوما في درجة منحني إياها الأستاذ.
طريق العمل
* ماذا عن رحلة العمل بعد الجامعة؟
** في الحقيقة رحلة العمل بدأت وأنا في الجامعة، فكنت أقوم ببعض الأعمال
مثل العزف في الحفلات من اجل الحصول على بعض المال، ثم عملت على البدالة في
بنك ستاندرد تشارترد، ورغم ان الإدارة كانت حذرة من تكليفي ببعض المهام في
البداية فإنني استطعت ان اثبت نفسي وتم توظيفي بدوام كامل، وفي 2002 تزوجت
فتاة تعرفت إليها خلال دراستي الجامعية وأسرة الأدباء والكتاب، وحاليا
لدينا قيس (7سنوات)، و(رند) 4 سنوات.
بقيت في العمل بالبنك أربع سنوات سعيت خلالها إلى الحصول على وظيفة في
وزارة التربية أو معهد المكفوفين لأنني احمل شهادة جامعية، ولا أنسى هنا
فضل إحدى الكاتبات الصحفيات المعروفات التي ساعدتني كثيرا وأوصلت صوتي إلى
وزير التربية، وفعلا عملت عام 2004 في المعهد السعودي البحريني للمكفوفين،
وعينت في البداية بقسم مصادر المعلومات ثم مدرسا للغة العربية.
القراءة.. بشتى الطرائق
* ذكرت انك منذ سنوات عمرك الأولى وأنت مولع بالقراءة، هل ولعك بها مستمر
حتى الآن؟ وكيف تحصل على الكتب التي تشبع هذا النهم؟
** نعم.. عشقي للقراءة رافقني منذ سني عمري الأولى، فكنت اقرأ الكتب
المتوافرة بطريقة "برايل"، أما الكتب الأخرى فكنت مع خالي ننظم جلسات
مشتركة للقراءة يقرأ هو الكتب التي تعجبنا بصوت عال وأنا استمع، وكانت
الكتب منوعة منها السياسية ومنها الروايات والشعر وتطوير الذات وغيرها، وقد
تأثرت بكثير من الكتاب مثل ستيفن كوفي خاصة كتابه "العادات السبع".
وحاليا ربما تتركز اغلب قراءاتي من خلال الكمبيوتر والانترنت من خلال
برنامج الناطق، والكثير من الكتاب في البحرين يعطونني كتبهم على أقراص
مدمجة كي أتمكن من قراءتها، كما ان زوجتي كثيرا ما كانت تطبع لي كتبا كاملة
على الحاسب الآلي كي أتمكن من قراءتها، فقد كانت ومازالت فعلا خير عون وسند
لي منذ زواجنا.
عالم آخر
* وكيف تعلمت استخدام الحاسب الآلي وصرت مدرسا له رغم انك لم تتخصص به؟
** كانت تلك المرحلة نقلة نوعية بالنسبة لي، وبدأت في الفصل الأخير
بالجامعة، فحينها لم أكن اعرف حتى أين زر تشغيل جهاز الكمبيوتر، لكني دخلت
دورات متخصصة في الانترنت والمسنجر، وكان هذا بالنسبة لي دخولا لعالم آخر
تماما، خاصة انه تم توفير جهاز يوصل بالكمبيوتر ويحول ما على الشاشة إلى
كتابة برايل، وكنت احلم حينها بامتلاك مثل هذا الجهاز، وفي مرة عملت
الجامعة برنامجا في التلفزيون لجمع تبرعات لأجهزة ومعدات، وكانت المفاجأة
ان المسوّق الذي كان يدربنا في الدورات اتصل بالبرنامج وأعلن انه يتبرع
شخصيا بجهاز كامل لحسين الأمير بعد ان لمس منه تميزا وحبا في استخدام
الكمبيوتر، وكان ذلك فعلا نقلة كبيرة في حياتي، ومع وصول البرامج الناطقة
صرت احلم بامتلاك احدها لكن سعرها كان باهظا، حتى حصلت على نسخة قديمة من
احد الزملاء، ثم عملت في التسويق لهذه البرامج ومازلت، ومع تطور أدائي قررت
إدارة المعهد ان أنقل التدريب إلى الكمبيوتر بدل اللغة العربية، وحاليا
استطيع ان أتواصل مع العالم واكتب ما أريد وأنسقه كما أريد واحضر للدروس
وغيرها، كما انني توقفت تماما عن قراءة الكتب بطريقة برايل ووفرت على زوجتي
عناء طباعة الكتب كاملة على الحاسب الآلي.
الشعر.. ملاذي عند الألم
* ما لا يعرفه الكثيرون انك إلى جانب كل ذلك شاعر لك نتاجك الأدبي، كيف
كانت تجربتك مع الشعر؟
** بدأت كتابة الشعر وأنا في سن الثالثة عشرة، وكانت في البداية عبارة عن
أبيات متقطعة، ثم تحولت إلى قصائد عمودية ثم تفعيلة ثم بين التفعيلة
والنثر، إلى جانب كتابة الخواطر، ولكني في الواقع قررت مؤخرا التوقف عن
كتابة الشعر لأن وضعي في تلك الفترة مختلف، فقد كنت اعتمد على الانفعال
العاطفي، وكان الشعر هو الملجأ الذي الجأ إليه والملاذ عن المشاكل لأنني لم
أكن أجد من يفهمني، واليوم وصلت إلى قناعة انني يجب الا أتقوقع في العواطف،
وإنما علي التركيز في العمل وتجاوز أي مشكلة مهما تكن، ولكن لا أنكر أني
احن إلى كتابة الشعر كثيرا.
* هل انعكس وضعك وما مررت به على نتاجك الأدبي؟
** بالتأكيد، فعندما تقرأ كتاباتي الشعرية مثلا تجد أنها تكاد تخلو من
الألوان والوصف عدا الوصف التقليدي.
* ولكن الا توافقني ان هذه الكتابات تتسم ببحة حزينة ونوع من اليأس
والإحباط حتى لو اكتست بخمار الحب والعشق، مثل قصيدة "إلى كلي الوحيد"،
"قاتلة الحب"، "رغم الغياب"، "غصة حب" وغيرها.
** لا أنكر ذلك، فأنا عندما احزن كنت اكتب ذلك شعرا، وعندما انفعل أحوله
إلى شعر، ولكن عندما افرح كنت أعيش اللحظة ولا اكتب، وهذا ما جعل اغلب
كتاباتي تتسم بطابع الحزن، ولا أنكر أيضا انني عشت فترة تشاؤم طويلة منذ
مرحلة الطفولة حتى الإعدادي، وكما ذكرت كان الشعر والكتابة هما ملاذي.
* من هي الحبيبة التي تكررت في أشعارك؟
** هي أفكار تخطر على بالي، قد تكون أحيانا قصة من الخيال وأحيانا تكون
إنسانة مقصودة في تجارب مررت بها.
ضفاف قلم
* "ضفاف قلم"، هي المدونة الخاصة بك في الانترنت، وهي مهارة أخرى تتمتع
بها، كيف بدأت "مشوارك" مع المدونات؟
** بعد ان تعلمت استخدام الكمبيوتر بجهد ذاتي أو بدورات مختلفة، كنت أبحر
في مواقع الانترنت، واكتشفت موضوع المدونات بالمصادفة، وتعلمت كيف اعمل
مدونة خاصة بي، وفعلا صممت المدونة باسم ضفاف قلم وبدأت أضع فيها المواد
واستقبل التعليقات وارد عليها، وقد ساعدتني زوجتي على تنسيق الشكل النهائي لها.
* ماذا عن الموسيقى التي تضاف إلى قائمة مواهبك وتميزت بها منذ نعومة أظفارك؟
** بالفعل كنت اعزف في سن مبكرة ولي الكثير من المشاركات، ولكن بعد انخراطي
في العمل توقفت عن العزف وبدأت اتجه إلى الالتزام الديني، ولكن هو التزام
اعتبره بشكل مختلف عما هو دارج، فأنا اعتبر نفسي ملتزما ولكني منفتح إلى حد
ما، ومن الممكن ان تقول إنني أسير على نهج السيد محمد حسين فضل الله، فما
أومن به هو انني يجب ان التزم بما يأمرني به الدين والعقل، ولا أتزمت فوق
المطلوب انصياعا للعادات والتقاليد.
تجربتي في الحياة
* بعد هذه الرحلة الطويلة التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد، ما
هي التجربة والخلاصة اللتان خرجت بهما في الحياة؟
** أشياء كثيرة استفدتها من تجربتي في الحياة، وأول ما تعلمته هو مقولة
الإمام علي عليه السلام: "عاتب أخاك بالإحسان إليه، واربط شره بالإنعام
عليه"، فقد استفدت كثيرا من هذه الحكمة، ففي النهاية ومهما يسئ إليك
الآخرون يجب ان تكون متسامحا معهم.
والأمر الآخر اعتقد انني اختلف مع باقي المكفوفين والمعوقين في أمر معين،
وهو أسلوب التعامل مع الآخرين والمجتمع، حيث وصلت إلى قناعة بأنه لا تضع
قيودا في المجتمع ثم تطالب بالاندماج. أي اترك المجتمع يتصرف على سجيته
سواء بشكل سلبي أو ايجابي، ثم اختر أنت طريقك، فكثيرا ما يحاول المجتمع
مساعدتك ولكن ربما بشكل يسبب الإحباط أو الضغط النفسي أو الضيق، وأيا كان
الأمر لابد ان أتقبل هذا الشيء لأنني إذا حيّدته أكون قد انسحبت وبالتالي
أكون أنا الخاسر.
وبالتالي فإن ما بت أومن به هو ان المعوق يجب ان يكون على وعي بكيفية
التعامل مع المجتمع، لا بكيفية تعامل المجتمع معه، فهذه اعتبرها خلاصة
تجربتي مع الإعاقة، وقد جربتها كثيرا ونجحت.
والأمر الثالث الذي تعلمته هو انني إذا كنت مصرا على النجاح فلا توجد قوة
في الأرض قادرة على ان تقف في طريقي سواء كانت إعاقة أو مجتمعا أو مؤسسات
رسمية أو غيرها، فبالإرادة يمكنني الوصول، لذلك أنا مثلا ورغم الإعاقة مؤسس
في الملتقى الثقافي الأهلي رغم ان الجميع مبصرون، وقد طلبوا إليّ مرارا
الترشح لانتخابات الملتقى، واستحضر هنا مقولة لستيفن كوفي "90% مما يجري
على الإنسان هو ناتج عن ردود أفعاله هو، و10% فقط خارج عن إرادته".
كلمة.. لنا
* ما هي الكلمة التي توجهها إلى المجتمع بعد ان مررت بكل هذه التجارب؟
** نتيجة لجهود المعوقين والمؤسسات المعنية بهم بدأ المجتمع الآن يتفهم
بشكل اكبر وضع المعاق واحتياجاته خاصة النفسية وانه قادر على العطاء، لكن
ما نحتاج إليه فعلا هو مزيد من التفاعل مع المعاقين، فالمعاقون كالأسوياء
منهم الأذكياء ومنهم متوسطو الذكاء.
والأمر الآخر ان اغلب المعوقين عندنا مازالوا يعانون قصورا وغيابا للأجهزة
والمعينات، وهذا ما يحد من قدراتهم أيا يكن ذكاؤهم، فهناك من لديه ملكات
الكتابة مثلا ولكن كيف ينتج إذا لم يمتلك المعينات؟ وكيف يمكن ان يشارك في
الفعاليات ويسهم بايجابية إذا لم يمتلك وسيلة مناسبة للمواصلات؟ الا يدفعه
ذلك إلى التقوقع على نفسه؟ لذلك أقول: وفروا لنا المعينات، ثم انظروا ما
نحن قادرون عليه.
وابسط مثال على ذلك ديفيد بلانكت مسك ثلاث وزارات في بريطانيا وهو كفيف.
ختاما.. أود هنا ان أقدم شكرا خاصا إلى الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير
أخبار الخليج لتعاونه المشهود واهتمامه الشخصي، فقد كلمني شخصيا بالهاتف
وأبدى إعجابه بي وشجعني على مواصلة المسيرة، وقد كنت اسمع كثيرا عنه وعن
قيادته لأخبار الخليج باقتدار، ولكن عندما التقيته قبل فترة وجدت فيه أضعاف
ما سمعت عنه.

الجمعة، 17 أكتوبر 2008

قهر الصعاب بالإرادة الحديدية والتشبث بالثورة المعلوماتية

حسين الأمير.. الكفيف، والقارئ المثقف..
قهر الصعاب بالإرادة الحديدية والتشبث بالثورة المعلوماتية

الوقت - جواد مطر:
‘’بعد دخولك قرية عالي من دوار المرور، سيصادفك دوار آخر فاتجه يسارا، ثم اتجه يمينا، وبعد أن تصل إلى الدوار القريب من مشويات النعيم، ستجد ورشا للنجارة ومحلات تجارية أخرى على يسارك، اتركها واتجه يسارا بعد أول مرتفع، ثم اتجه يمينا فيسارا مباشرة، وبعد ثلاثة مرتفعات ستجد محلا لبيع السندويشات على يمينك، فاتجه بعده يميناً إلى أن تجد على يسارك صندوقا أزرقا لحفظ أسطوانات الغاز، قف فأنت وصلت منزلي’’. هكذا وصف مدرس اللغة العربية الكفيف، حسين الأمير منزله، عندما سعت (الوقت) للقائه، والذي استهله، بطباعة بضعة أسطر على حاسوبه الشخصي، أرادها أن تصل إلى جميع القراء ‘’بسم الله الرحمن الرحيم، يسرني أن أكون في صحيفة (الوقت)، وأرجو أن يكون أمثالي، دافعاً لبذل مزيد من العطاء، لخدمة الإنسانية’’.
حسين الأمير، في بداية العقد الثالث من عمره، كفيف منذ ولادته، تخرج من جامعة البحرين تخصص لغة عربية ودبلوم تربية، متزوج، ولديه قيس (3 أعوام)، وينتظر الآن المولود الآخر، يعمل حالياً مدرساً لمادة اللغة العربية في المعهد السعودي البحريني للمكفوفين، يهوى العزف على آلة (الأورج)، كما أنه مغرم بالقراءة والمطالعات الفكرية، إذ بدأ منذ 5 أعوام، تخصيص وقت للقراءة، من 6 صباحاً حتى 12 ظهراً، ناهيك عن حرصه الشديد على متابعة الصفحات الثقافية بالصحف المحلية، بشكل شبه يومي، واصفاً (الوقت) بـ ‘’المميزة في هذا الجانب’’.
بدأ الأمير حديثه، بالقول ‘’أنهيت مرحلتي الدراسة الابتدائية والإعدادية في معهد النور للخليج العربي (المعهد السعودي البحريني للمكفوفين) حالياً’’، مشيراً إلى أن ‘’الموارد البشرية والمادية الخاصة بفئة المكفوفين، كانت متوفرة، إذ كان المدرسون مؤهلين بالشكل الكافي للتعامل معنا، في الوقت الذي وفر المعهد لنا جميع الكتب اللازمة مطبوعةً بطريقة برايل، كما وفر لنا الآلات المختلفة المستخدمة لكتابة تلك اللغة، كآلة (بيركنز)’’.
وعبر الأمير عن شعوره بأنه ‘’لم يحس يوماً، بالنقص أو الاختلاف عمن حوله في الدراسة، الذين كانوا يعاملون كبقية المدارس الأخرى، من حيث الأنشطة والفعاليات’’، لكنه عاد فقال إن ‘’كنا نعيش، الجو السابق، داخل أسوار المعهد، إلا أنه في حياتنا مع المجتمع، كان الوضع مغايراً’’.
وتابع ‘’إذ كنا - هو وأخيه شبه الكفيف- نتعرض للرمي بالحصى عند اللعب عصراً في القرية، من قبل الأطفال الذين هم في نفس عمرنا، كما كانوا يصرون على رمينا بالألقاب كالعمى وغيرها’’.
واعتبر أن ‘’ذلك السلوك، أحدث لديه رد فعل إيجابي تمثل في تقبل إعاقته، والإيمان بأن التغيير ينبع من داخل الفرد نفسه’’، مذكراً أنه ‘’كان في طفولته يصرُّ على ركوب الدراجة الهوائية أسوة ببقية الأطفال، معتمداً في ذلك على سمعه وإحساسه’’.
وأوضح الأمير أن ‘’الحوادث البسيطة التي تعرض لها، لم تكن كافية لتثنيه عن ذلك، لولا شعوره بتخطي مرحلة اللعب بالدراجة’’.
ورأى أن ‘’الشخص العادي، لا يحتاج إلى بقية حواسه الأخرى في معرفة ماهية الأشياء المادية كالتفاحة مثلاً وصلاحيتها، بينما يحتاج الكفيف إلى أدوات المعرفة المختلفة التي يتمتع بها’’، مشيرا إلى أن ‘’هذا هو سر قدرة الكفيف على تمييز اتجاه الصوت، حجم المكان، عن طريق ارتداد صوته على الجدران’’.
وقال إنه ‘’في المراحل الأولى من حياته، كانت علاقته مقتصرة على المنزل والمدرسة، إلا أن والدته التزمت بأخذه للمشاركة في الأنشطة المجتمعية المختلفة، مثل المعهد الكلاسيكي للموسيقى’’، مضيفا أنه ‘’تعرف هناك، على أحد أهم الأصدقاء في حياته، والذي بدأ معه مرحلة جديدة، بعد تبادل الزيارات والخروج سويا’’.
وتابع ‘’مازلنا صديقين، منذ العام 1987 وحتى الآن، علماً أنه الشخص الذي شجعني حقاً على تكوين العلاقات الاجتماعية والتوسع بها’’.
وأوضح الأمير أن ‘’مشاركاته في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، تنوعت، إذ بعد دراسته آلة (البيانو، العود) شارك في بعض احتفالات ذكرى تأسيس المعهد الكلاسيكي’’، مشيرا إلى أنه ‘’حصل على المركز الأول، بعد مشاركته في نادي الحالة للهواة والعزف أيضاً على (الأورج)، وكانت والدته تأخذه، وتعيده إلى المنزل’’.
كسر مرحلة العزلة
واسترسل ‘’التقيت في المرحلة الثانوية أحد الأصدقاء المكفوفين، والذي علمني كيفية الخروج منفرداً من المنزل، والاعتماد على الذات في التنقل مستخدماً سيارات (النقل العام) حينها، أو بالإشارة إلى السيارات المارة’’.
وتابع ‘’كما أرسى، في داخلي قواعد عدم الخجل من السؤال عن المواقع التي أرغب الذهاب إليها، عن طريق المحاكاة بعد المعاينة’’، مستذكراً ‘’مغامرته الأولى مع أخيه الكفيف (عصام)، بالذهاب إلى المعهد والعودة، باستخدام النقل العام’’.
واعتبر الأمير أن ‘’تلك كانت البداية، لحضور كثير من الأمسيات والمحاضرات في مختلف مناطق المملكة، كجمعية الإصلاح، نادي العروبة، نادي الخريجين، أسرة الأدباء والكتاب’’، مؤكداً أن ‘’حضوره تلك الأنشطة، هو الذي ساعد على دمجه، مع المجتمع بشكل أكبر’’.
6 ساعات يومياً للقراءة
كيف استطاع الأمير، أن يشبع ولعه الشديد بالقراءة والمعرفة، في ظل محدودية الكتب والمصادر المطبوعة بلغة برايل؟
ربما يثير هذا السؤال، الاستغراب في ذهن القراء، إلا أن الأمير يوضح الأمر، عندما يقول إن ‘’خاله، وافق على تخصيص وقت مشترك للقراء 6 ساعات من صباح كل جمعة، اعتبارا من الساعة ,6 شريطة أن تكون الكتب ذات ميول مشتركة، حتى يستفيد الطرفان’’، مشدداً على أن ‘’خاله، مازال ملتزماً بالاتفاق، إذ يأتي، ويأخذه إلى منزله، للقراءة، ويهب به من بعد إلى المكان الذي يرغبه’’.
وأضاف ‘’كان خالي، يحرص على تجنب المواعيد والالتزامات التي تتعارض مع وقت القراءة’’.
وأرجع الأمير توقفه عن كتابة الشعر إلى ‘’التغير الجذري الذي حصل في نظرته للحياة وفلسفتها’’، مشيرا إلى أنه ‘’أصبح يؤمن أن الكتابات الأدبية، ما هي إلا انفعالات، حصلت جراء مواقف معينة’’.
وقال ‘’من الضروري، معالجة الموقف، بدلاً من الاستغراق في الانفعال’’، معتبرا أن ‘’الشعر لا يرتقي إلى فكر قادر على استيعاب الموقف وحله’’.
ودعا الأمير إلى ‘’التوجه نحو الكتابة، وتحليل المواقف بأسلوب عقلاني وحجج منطقية، مدعمة بالدلائل العلمية’’، معتبرا أن ‘’على الإنسان، تغيير نفسه من الداخل، كما يستطيعون تغيير الواقع من حولهم’’.
الثانوية والتعليم الجامعي
إلى ذلك، عاد الأمير، مستعرضا رحلته التعليمية، مشيرا إلى أن ‘’معهد النور للخليج العربي، كان يمرُّ بمرحلة تغيير إداري، رافقها نقص حاد في الكتب، آلات الكتابة، إضافة إلى انفصال والديه، مما هدد بتوقف مشواره الدراسي’’.
وأضاف أن ‘’زميلا سعوديا، عرض عليه أن يكمل دراسته في معهد بالسعودية’’، مشيرا إلى أنه ‘’استطاع التسجيل في المعهد، هو وأخوه، وقضيا 3 أعوام في الغربة، حتى إنهاء المرحلة الثانوية العام .’’1995
وعن المرحلة الجامعية، أوضح الأمير ‘’كان ما يهمني، هو الحصول على بعثة دراسية، نظراً لعدم توفر الإمكانات المادية لمواصلة الدراسة’’، منوهاً أنه ‘’تحدث مع وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت، وحصل على بعثة في اللغة العربية بكل بساطة، خصوصاً أنه كان متفوقا في الثانوية العامة بمعدل 94%’’.
أما عن الصعاب التي واجهها الأمير في هذه المرحلة، فقد ‘’تمثلت في البحث، ومتابعة المحاضرات، والوصول إلى شخص متفرغ لقراءتها له، ليقوم هو بكتابتها بطريقة برايل أو تسجيلها على شريط كاسيت ليتمكن من استذكارها لاحقاً’’، معتبراً ‘’البحوث والتقارير الدورية بمثابة (الطامة الكبرى)، إذ يستلزم إعدادها، وجود مرافق إلى المكتبة لقراءة المصادر، واختيار المطلوب منها’’.
الراديو، بدايته نحو الانفتاح الفكري
ومن الواضح أن (الراديو)، كان رفيق الأمير، منذ أن كان عمره 12 عاما، وكما يقول ‘’كانت التحليلات الإخبارية والبرامج الأدبية والعلمية، الأكثر جذباً’’، مشيراً إلى أنه ‘’حتى الآن، قرأ أكثر من 90% من الكتب المطبوعة بلغة برايل في المعهد، وتلك الموجودة في مكتبة جمعية الصداقة للمكفوفين’’.
وأضاف أن ‘’الندوات المختلفة التي كان (لا يزال) يحرص على حضورها، ساهمت في إثراء الجانب الفكري لديه، بشكل كبير’’، مذكراً أنه ‘’اكتسب بعض الأفكار حول العلاقات الاجتماعية، وتعامل المجتمع مع الخارجين عن القانون، من خلال بعض المسلسلات التلفزيونية’’.
وأوضح الأمير أنه ‘’متابع بشكل دائم للصحف المحلية، عن طريق الانترنت، ويفضل قراءة الشؤون الثقافية في صحيفة (الوقت)’’، معتبرا أن ‘’كتاب (نقد العقل العربي للدكتور محمد الجابري) من أبرز الكتب ذات التأثير على شخصيته’’.
الأمير والطفرة المعلوماتية
لم يخطر، بذهن الأمير يوما، أن يستخدم الحاسب الآلي، والانترنت، مشيراً إلى أنه ‘’مع مطلع التسعينات، كان التفكير بالحاسب الآلي ضرباً من الخيال، وفي منتصف ذات العقد، بدأ يشيع وجود أجهزة يمكن توصيلها بالحاسب، تترجم كل ما يطبع على الشاشة إلى طريقة برايل، ومن ثم يقوم الكفيف بقراءتها عن طريق اللمس’’.
وقال إن ‘’اقتناء ذلك الجهاز، كان حلما، لارتفاع سعره الى أكثر من ألفي دينار، إضافة إلى أن الجهات المسؤولة في المملكة، لا تقدم دعما ماديا’’.
واسترسل ‘’جاءت شركة تسوق تلك الأجهزة، واستطعنا الكتابة بأنفسنا في برنامج (الورد)، كما تمكنا من الدخول على الشبكة العنكبوتية’’، مشيراً إلى أن ‘’أحد المسوقين تبرع له بذلك الجهاز، ومن هنا كانت انطلاقته على الانترنت، وقراءة الكتب المتنوعة، والصحف المحلية بشكل يومي’’.
وتابع ‘’كانت مشكلة الجهاز، عدم تعامله بشكل جيد مع كثير من المواقع الالكترونية، مما يحتم الحاجة إلى شخص مبصر لتقديم المساعدة، فضلا عن اقتصار عمله على نسخة محددة من نظام التشغيل، وعدم القدرة على تحديثه تماشياً مع التطور التقني’’.
وقال الأمير ‘’بدأ، مع مطلع القرن الجاري، انتشار البرمجيات الناطقة للعناصر المكتوبة على الشاشة بسعر يصل 700 دينار’’، منوهاً أنه ‘’نظراً لتك الأسباب مجتمعة، آثرت استخدام ذلك الجهاز، كذاكرة خاصة بمعزل عن الحاسب الآلي، بدلاً من الضياع في تعقيداته’’.
وتابع الأمير تجربته مع التقنية قائلاً ‘’خيَّرت قرينة عاهل البلاد الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة جميع الطلبة المكفوفين في جامعة البحرين بالحصول على أجهزة للقراءة يتم توصيلها بالحاسب الآلي، او حاسب آلي مشتمل على برنامج ناطق كتبرع لهم، إلا أنه من سوء حظي أني حينها كــنت خريــجاً، فتمنــيت حينها الرسوب والتأخــر فصلاً واحداً للحصول على ذلك الجهاز’’، مضــيفا أنه ‘’تمكن لاحقاً من الحصول على البرنامــج الناطــق، مـن قبل أحد المحســنين، وبدأ الاستفادة منه، بعد تركيبه على الجهاز الخاص بزوجته’’.
مُعارَضة ‘’المُعارَضة’’
وعندما انتقل الأمير للحديث عن السياسة، قال ‘’التعبير بصراحة عن الأفكار السياسية المعارضة لبعض التوجهات في المملكة، أثناء المرحلة الجامعية، كان ضريبته التشهير بي واتهامي بالجاسوسية لصالح أجهزة الدولة’’.
ورأى الأمير أن ‘’الحكومة الحالية، هي الأكثر قدرة وخبرة من جميع الجمعيات السياسية، للإمساك بزمام الإدارة في المملكة’’، مشدداً على أن ‘’ميثاق العمل الوطني، وما تلاه من إصلاحات، سبب استقرار الأمور وليست أحداث التسعينات التي مرت بها المملكة’’.
وقال ‘’هناك كثير من الأوضاع التي حاولت المعارضة، جاهدة تغييرها، إلا أنها، كانت عاجزة عن ذلك، ما لم يصدر قرار ملكي’’، معتبرا أن ‘’المملكة استطاعت، حتى الآن، تنفيذ جزء كبير من السياسة الأميركية، في إعطاء الحريات المرتكزة على (قل ما تشاء، وسأفعل ما أشاء)’’.
وناشد الأمير ‘’قوى المعارضة، إلى أن تكون، أكثر وعياً، وتعبيراً عن الحريات’’.
المنحة لا تكفي
إلى ذلك، دعا الأمير ‘’المسؤولين في المملكة، إلى اعتماد سياسات، تسهم في دعم الفئات الخاصة وتنمية دورهم في المجتمع’’، معلقاً على مكرمة رئيس الوزراء التي تقضي بمنح ذوي الاحتياجات الخاصة مبلغ 50 ديناراً بصفة شهرية بأنها ‘’لا تكفي’’، مطالبا ‘’زيادتها، نظراً لزيادة الأعباء التي يحتاجها الكفيف، كالحاجة إلى سائق مثلاً’’.
ووجه الأمير ــ في ختام اللقاء معه ــ رسالة إلى أقرانه من الفئات الخاصة، داعيا إياهم إلى ‘’ألا يصابوا بالإحراج من إعاقتهم، وأن يعيشوا واقعهم بشكل طبيعي’’.