لم أكن أعرف سبب تعلقي بصوته وألحانه، وإصراري على الاستماع إليه كلما ركبت سيارة أمي في مطلع الثمانين من القرن الماضي.
لم أكن أعرف سبب حرصي على شراء ألبوماته، وعزف أغانيه الرائعة كلما التقيت بالصديق الأزلي محمد حداد. ولكن ما كنت أعرفه جيدا هو أنني أصبحت عاشقا لألحانه منذ (جراح في عيون الحب)، متأملا في (بحر الهوى)، ب(أبيات غزل)، في انتظار (عازف عود)، يجعلني (أغني يا ظمى حروفي)، (سفني في المرفأ باكية)، (على المآذن).
(مدينة كل الجروح الصغيرة) )تجعلني أسافر (في ارتفاع الصواري)
(ذاهبا لترجمة الليل) لأعود (إلى وطني) وقد (تغيرت كثيرا).
لقد أدارت سوسنتي بطلبها مني الكتابة عن خالد الشيخ شريط ذكريات طار بي إلى الطفولة الحائرة، حيث غرفتي التي كنت أعالج فيها شعوري بالغربة بحفظ كلمات أغانيه وعزف ألحانه، إلى معهد النور وشارعه المحفوف بالأشجار، حيث كنت أدفع الحزن عن نفسي بالغناء بصوت خافت: (عندما كنت صغيرا وجميلا
كانت الوردة داري
والينابيع بحاري
صارت الوردة جرحا
والينابيع ظمأ). إلى المعهد الكلاسيكي الذي كنت ومحمد حداد نكتشف مواهبنا بعزف (عيناك) بآلتي البيانو والعود، إلى نادي الموسيقى بجامعة البحرين، حيث (الأورج) الذي طالما مررت به (مرة فرح) على أجمل أغانيه. إلى الحوار الهاتفي الذي باغتته به قبل خمس سنين متسائلا عن سبب ابتعاده عن تلحين القصائد الفصيحة وحرماننا من اختياراته المتميزة لكلمات أغانيه العامية فإذا به يباغتني دون أن يعرف عني شيئا غير اسمي وكوني عازف (أورج) برؤية فنية مبتكرة لم أجرؤ إلا على إجلالها وانتظار ترجمتها الموسيقية: أريد أن أخلق موسيقى مستقلة، يمكنها أن تعانق الكلمات دون أن تكون تابعة لها، ولم أعد أرغب في تكرار نفسي بإلحان تقليدية لا يمكنك الاستمتاع بها إلا إذا رافقت النص الشعري!
وبالرغم من انعطافه على (الأغنية الشبابية)، وتوقفه عن تلحين القصائد العربية الفصيحة التي كنت أبحث عنها بكل ثقة الولهان، إلا أن روحه الإبداعية الخلاقة وعدم اقتناعه بذلك المنعطف حرمه من انجذاب عشاق تلك (الأغنية)؛ ليعيده بلون فني جديد، عانق به (الشعرات البيض) ب(شارع واضح وبنت)، فكانت موسيقاه نصا جماليا مستقلا رائعا، قادرا على التأثر والتأثير كما أراد، وكما صرنا نريد!
أول المــــــــــــــــــــــــاء
قبل 12 عامًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق