منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله بدأت فئة مجهولة تنسج الشائعة تلو الأخرى؛ رغبة في الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، مستفيدة من مختلف الوسائل التقنية الحديثة في الترويج لها وتصديقها!
ومن تلك الشائعات ما حظي برعاية كبار المسؤولين في إحدى السلطتين التنفيذية أو التشريعية كزيادة الرواتب التي كبرت وترعرعت وبدأنا نجني ثمارها تدريجيا وننتظر المزيد.
ولم تقف هذه الشائعة عند هذا الحد، بل لقد أنجبت شائعة أخرى جعلت بعض مروجيها يتوهمون امتلاكهم لجميع المؤهلات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية التي تمكنهم من كشف (الحقائق) قبل صدورها رسميا!
فقد انتشرت شائعة إسقاط القروض عن جميع المواطنين قبل صدور المكرمة الملكية بإسقاط نصف القروض الإسكانية!
وربما استطاعت بعض البنوك توظيف تلك الفكرة وإضفاء روح الاستمرارية عليها لتصبح موسمية متزامنة مع عروضها الصيفية الترويجية المغرية.
وبالرغم من عدم احتواء زيادة الرواتب الرمزية لاحتياجات المواطنين إلا أن خوف مروجي الشائعات من استعادة الحكومة لتلك الزيادة بطرق أخرى ألهمهم بإنتاج شائعات مضادة مثل: عزم الحكومة على خصخصة الخدمات الصحية، ووزارة الكهرباء، وجامعة البحرين...
فضلا عن ارتفاع الأسعار الذي أصبح واقعا مؤسفا ربما تخرجنا منه شائعة إبداعية جديدة.
وبالرغم من عدم قدرتي على الجزم بوجود شريحة اجتماعية منظمة تتقن توظيف الشائعات بمنهجية واعية تمكنها من المساهمة في معالجة قضايا المجتمع بأقل قدر ممكن من الأضرار، وعدم إمكان الجزم بنسبة الأحداث السلبية والإيجابية إلى سحر الشائعات، إلا أنني يمكنني الجزم بقدرة العقل البشري على ابتكار البدائل السلمية المتعددة لمعالجة قضايا مجتمعه، وإيجاد المبررات الشرعية والمنطقية للعمل بها كما استطاع تبرير المواءمة غير المجدية بين العنف والجهاد.
إن الاستفادة من الحرب النفسية التي يمكن أن تثيرها الشائعات ضاربة في جذور الثقافة العربية والغربية على حد سواء، ولكن ذلك لا يعني الدعوة لاعتمادها بوصفها حلا سحريا لكل المشكلات، بل وسيلة يمكننا الاستدلال بها على إمكانية إيجاد حلول مختلفة لقضية واحدة دون الإضرار بالعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع الذي يجب أن يكون متحدا.
أول المــــــــــــــــــــــــاء
قبل 12 عامًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق