الأربعاء، 9 فبراير 2011

نحو نظرة إيجابية لذوي الإعاقة البصرية

إن الفهم الدقيق لطبيعة كل إعاقة، وتهيئة البيئة المناسبة لتربية ذويها وتعليمهم وتنقلهم هي أهم المقومات الأساسية للتأصيل إلى النظرة الإيجابية لهم من قبل مجتمعهم.
فإذا فهمت وزارة الصحة مثلا طبيعة الإعاقة البصرية واحتياجات ذويها، ستبادر إلى إحصاء عدد ذوي الإعاقة البصرية وأسرهم ومناطق تواجدهم وأسباب إعاقتهم، لتقوم بتوفير الإرشادات اللازمة لتلك الأسر للاستفادة من حواس أبنائهم الأخرى في تربيتهم وحمايتهم من الأخطار. وستسعى إلى تمكين أسر ذوي الإعاقة من تبادل خبراتهم في هذا المجال والحد من أسباب الإصابة بها، وتهيئة البيئة الصالحة لاستفادة ذوي الإعاقة البصرية من جميع خدمات الوزارة شأنهم في ذلك شأن غيرهم؛ كأن توفر لهم التعليمات الطبية بطريقة برايل، وتكتب جميع لافتات غرفها بطريقة برايل، وتوفر مصاعد ناطقة تنبه ذا الإعاقة البصرية إلى الطابق الذي وصل إليه، وتكتب أرقام الأزرار بطريقة برايل ليتمكن من الاعتماد على نفسه في الوصول إلى حيث يريد من الوزارة والمراكز الصحية التابعة لها، وتضع العلامات الأرضية التي تعينه على معرفة الغرف ودورات المياه وغيرها من المرافق المختلفة ... وستهيئ موظفيها للتعامل معه بتوجيه الخطاب له شخصيا وليس إلى مرافقه كما يحدث الآن...
أما وزارة التربية والتعليم فستضيف إلى ما سبق من علامات أرضية ولافتات ومصاعد كتبا مطبوعة على أقراص مدمجة وبرامج قارئة لشاشة الحاسوب تمكن ذا الإعاقة البصرية من قراءة تلك الكتب وكتابة الامتحانات وغيرها باستخدام الحاسوب دون الحاجة إلى من يقرؤها له أو يترجم إجاباته من (برايل) إلى الخط العادي. وستوفر كتبا أخرى مطبوعة بطريقة برايل لمن لم يستطع منهم إتقان استخدام الحاسوب، وستهيئ جميع العاملين في الوزارة ومدارسها للاستفادة من حواس ذي الإعاقة البصرية الأخرى في نقل المعلومات إليه وتسهيل حركته وتشجيع أقرانه على الاندماج معه ومساعدته والاستفادة من قدراته...
وستتعاون وزارات الأشغال والمواصلات والسياحة على تمكين ذي الإعاقة البصرية من التنقل عبر بيئة مهيأة بالعلامات الأرضية اللازمة والإشارات المرورية الناطقة ووسائل المواصلات المناسبة لقدراته المادية واحتياجاته اليومية كغيره من الناس، كالتسوق عبر قراءة اللافتات وقوائم البضائع وأسعارها المكتوبة بطريقة برايل، أو زيارة أحد المعالم السياحية في بلده وقراءة الإرشادات المعينة على التعرف على ذلك المعلم دون مساعدة أحد، أو إنجاز معاملة ما في إحدى الشركات دون الحاجة إلى من يقرأ له أي شيء كأن يتم ذلك إلكترونيا عبر الإنترنيت أو أجهزة الحاسوب المزودة بالبرامج القارئة للشاشة إلخ.
وستستثني وزارة الإسكان ذا الإعاقة البصرية من معيار الأقدمية في الحصول على سكن ملائم في أسرع وقت ممكن إذا أدركت صعوبة انتقاله من سكن إلى آخر وحاجته إلى من يعينه على التعرف على مرافق كل منطقة ينتقل إليها والبحث عن وسيلة مواصلات جديدة إلى عمله كلما انتقل إلى سكن جديد.
وستلزم وزارة الإعلام المؤسسات التابعة لها باستخدام تقنية HTML بدلا من Flash في تصميم مواقعها الإلكترونية بقدر الإمكان، كي يتمكن ذو الإعاقة البصرية من تصفحها والاستفادة منها عبر البرامج القارئة لشاشة الحاسوب أو السطور الإلكترونية التي تترجم المكتوب على تلك الشاشة بطريقة برايل. وستذيع مواعيد البرامج التليفزيونية وتردد المحطات الفضائية صوتيا بدلا من الاكتفاء بكتابتها على الشاشة، وستساهم في إبراز طاقاته وحل مشكلاته وتصحيح نظرة المجتمع له بإعداد برامج إعلامية متنوعة إعدادا علميا دقيقا مبنيا على دراسة ميدانية لواقعه واحتياجاته وتطلعاته...
وإذا أدركت هيئة تنظيم الاتصالات حاجة ذي الإعاقة البصرية إلى وسائل الاتصال المختلفة فستدعم البرامج القارئة لشاشة الهاتف وتسهل حصول ذي الإعاقة البصرية عليها وتلزم شركات الاتصال بإرسال الفواتير له عبر البريد الإلكتروني أو بطريقة برايل أو توفير طريقة مناسبة أخرى تمكنه من معرفة تفاصيل فاتورته دون عناء. وتسهل حصوله على خدمات الهاتف والإنترنيت بأسعار مناسبة.
وستتعاون وزارة التنمية الاجتماعية مع جميع وزارات الدولة ومؤسساتها على ضمان حصول ذوي الإعاقة على حقوقهم كاملة بالاستعانة بخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال بخلق بيئة صديقة للجميع دون تمييز، وتأهيل ذوي الإعاقة نفسيا ومهنيا للاندماج في المجتمع والمشاركة في صنع حاضره ومستقبله، وتأهيل العاملين في مختلف المؤسسات للتعامل مع كل فئات المجتمع بالأساليب الضامنة لاستفادتها من جميع خدماتها، والاستفادة من طاقاتها في رفع مستوى تلك الخدمات.
أما ذا الإعاقة البصرية نفسه فعليه أن يعترف بإعاقته ولا يكترث للمصطلحات فهو أعمى أو كفيف أو ذو إعاقة، ولن يغير المصطلح شيئا من الواقع ولن ينسيه إعاقته أو يزيد من ألمه كما يتوهم، بل عليه أن يستفيد منها بوصفها علامة دالة عليه لمن لا يعرفه، ولا يجعل منها حاجزا يمنعه من الاندماج مع المجتمع الذي يسعى إلى مساعدته على طريقته الإنسانية العفوية.
وأن يساهم في إبراز قدراته للمجتمع، والاعتماد على نفسه والمطالبة بحقوقه واحتياجاته بكل الطرق المشروعة من مؤسسات الدولة المختلفة، ويجب أن يكون عضوا فاعلا في المجتمع بشكل عام، ومؤسسات ذوي الإعاقة بشكل خاص. وألا يبالغ في قدراته أو يقلل من شأنها بحجة التواضع، وألا يقيس تلك القدرات بمبالغة المجتمع في المدح والثناء بل بكفاءة تلك القدرات وما تقدمه من إنجازات لذوي الإعاقة ووطنه والعالم.
وأن يتعاون مع أقرانه من ذوي الإعاقة البصرية وغيرهم في تبادل الخبرات في مختلف المجالات ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم ومطالبهم.
وعلى الأسرة أن تقرأ جيدا في مجال تربية ذوي الإعاقة البصرية وتعليمهم والتعامل معهم ودمجهم في المجتمع كي تتعاون مع ذي الإعاقة في قهر الصعاب بالاستقلالية والاعتماد على النفس والمبادرة إلى مساعدة الآخرين.
ولو تحقق ذلك كله كما هو الحال في أميركا وبريطانيا واليابان وغيرهم فهل سينظر المجتمع إلى ذي الإعاقة البصرية نظرة سلبية؟

ليست هناك تعليقات: